الإخلاص الفكريّ
"أن تطابق ذاك على ذلك" |
هي دفع النّفس بالنّفسِ حتّى تصل إلى مرتبةٍ يُساغ لها البقاء وحدها، الإخلاص الفكريّ هو تشذيب للذّات وتصفية للعقل وبراءة من شظايا الصّخب والتّأويل، هو البقاء في هامش الأمان ليس خشية الوقوع في الخطأ وحسب بل كي يبقى القلب نقيّا صافيا، هو الصّمت الجميل الذي تُفهَمُ تعابيره، رسمٌ لشخصيّةِ الآخرِ-غير الموجود- الذي يقترب إليك وجعله رقيبا عليك حتى يطمئنّ قلبه لك، الإخلاص الفكريّ أن تحاول-ما استطعت- أن تكون ذاكرتك خالية من الدّنس حتى إذا اطّلع عليها ذاك الذي هناك لَدَمَعَت عين قلبك فلاحا ولَدَمَعَت عين ذاك الذي هناك صلاحا، الإخلاص الفكريّ أن تطلب من نفسك ما تطلبه من نفس غيرك إن كان هناك نقطة استناد أخلاقيّة، الإخلاص الفكريّ أن تجعل على أبواب ذاتك مغاليق تتطابق مع مفاتيح ذاك الذي هناك لا أن تكون نافذةً يطلّ منها النّجم ويغرب، الإخلاص الفكريّ هو أن لا يُرسم في ذلك الخيال إلّا ذاك الهُوَ وعندما يأتي ذاك الذي هناك تُطَابِق ذاك على ذلك ثمّ تروي له حكاية الخلق كلّها وتهمس له في النّهايّة مطمئنّا أنْ ما رسمت أحدا سواك قبل قدومك إلا أنت ولن يطّلع على تفاصيل تلافيف هذا الصندوق إلّا أنت وهذه الطبعة الأصلية بين يديك تعال نقلب صفحاتها معا.
-أنس كرامي-